أوقف الأمن التونسي رئيس حركة وحزب النهضة الشيخ راشد الغنوشي بعد مداهمة منزله، قبل أن تأمر المحكمة الابتدائية في العاصمة تونس بإيداعه السجن في قضية “التصريحات المنسوبة له بالتحريض على أمن الدولة.
وكانت المحامية منية بوعلي، أكدت الخميس 20 أبريل 2023، أن قاضي تحقيق تونسياً أمر بسجن زعيم حزب النهضة ورئيس البرلمان التونسي المنحل، راشد الغنوشي، بتهمة “تآمره على أمن الدولة الداخلي”، بعد ساعات من احتجازه والتحقيق معه، في خطوة أثارت انتقادات دولية.
بعد 60 ساعة في الإيقاف و10 ساعات تحقيق آخر رمضان ومرافعات عرت تلاعب النيابة بتصريحات #الغنوشي، قاضي التحقيق يصدر حكما جائرا بإيداع والدي السجن. سعيد بهواجسه المريضة وأحقاده الدفينة هو السجين. الغنوشي حر بفكره وتراثه ونضاله، الذي يأبى المنقلب التعيس إلا أن يزيده شرفا على شرف! pic.twitter.com/3Lbv6NQP9i
— Soumaya Ghannoushi سمية الغنوشي (@SMGhannoushi) April 20, 2023
ونشرت الصفحة الرسمية للغنوشي على فيسبوك تعليقاً له بعد قرار حبسه قال فيه: “اقْضِ ما أنت قاضٍ إنما تقضي هذه الحياة الدنيا. أنا مستبشر بالمستقبل.. تونس حرة”. فيما قالت المحامية بوعلي: “كان قراراً سياسياً وجائراً، لقد كان قراراً جاهزاً… سجن الغنوشي كان بسبب تعبيره عن رأيه”.
والغنوشي أحد أبرز قادة “جبهة الخلاص الوطني” الرافضة لإجراءات استثنائية بدأ الرئيس سعيد فرضها في 25 يوليو 2021 ومن أبرزها: حل مجلس القضاء والبرلمان (كان يرأسه الغنوشي) وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية وإقرار دستور جديد عبر استفتاء وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة قاطعتها المعارضة.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية، الأربعاء، إن إلقاء القبض على زعيم حزب النهضة المعارض في تونس راشد الغنوشي، وإغلاق مقرات الحزب، وحظر اجتماعات جماعات معارضة يمثل تصعيداً مقلقاً من قبل الحكومة التونسية.
ومن جانبها، اعتبرت تونس أن التصريحات والتعليقات “تشكل تدخلاً مرفوضاً في الشأن الداخلي للبلاد خاصة”، وذلك على خلفية توقيف رئيس حركة “النهضة” راشد الغنوشي.
جاء ذلك في بيان صادر عن وزارة الخارجية، الأربعاء، قالت إنه يأتي “على أثر سلسلة التصريحات والبيانات التي تمّ نشرها مؤخراً من قبل بعض من شركاء تونس (لم تسمّهم)”.
وأعرب الاتحاد الأوروبي عن “قلقه البالغ” بشأن التطورات في تونس، عقب الحكم بسجن الغنوشي، فيما اعتبرت واشنطن ذلك “تصعيداً مقلقاً من الحكومة ضد من تتصورهم خصومها”.
إخوان الجزائر يهاجمون قيس ويطالبون تبون بالتدخل
وفي الجزائر هاجم عبد الرزاق مقري الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم الجزائرية بحدة الرئيس التونسي قيس سعيد على خلفية اعتقال رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، داعيا سلطات بلاده لعدم النأي بالنفس عما يجري في تونس، لأن الأمر قد يصل حسبه لتهديد استقرار الجزائر.
وقال مقري الذي يعد من الشخصيات الإسلامية البارزة في الجزائر وهو ينتمي فكريا إلى التيار الإخواني، إن “اعتداء قيس سعيد والقوى الداخلية والخارجية التي يعمل معها والتي تستعمله ضد حركة النهضة والشيخ راشد الغنوشي تجاوز كل الحدود، وهذا السلوك يمثل خطرا داهما ليس على استقرار تونس فقط، بل على الجزائر والمنطقة كلها”.
راشد الغنوشي كان دائما صديقا للجزائر وهو قد ضحى بعلاقات إقليمية ودولية حساسة من أجل وقوفه مع الجزائر
وأوضح في تدوينة له على فيسبوك، أن “النظام التونسي الحالي يُخفي فشله في خدمة الأشقاء التوانسة في معيشتهم وضمان كرامتهم ومنحهم حريتهم بإشعال نيران الفتنة في كل اتجاه”، مشيرا إلى أن “هؤلاء لا يمثلون أي رهان مستقبلي فهم أعجز على الثبات أمام التحولات المحلية والاقليمية والدولية القادمة، وإنما يساهمون في إغراق الأمة العربية والإسلامية في ضعفها وتخلفها خدمة لأجندات خارجية عربية وأجنبية معادية للإسلام والمسلمين”.
ودعا مقري الجزائر لأن تنتبه لما يحدث في جوارها وأعماقها الاستراتيجية، فالنأي بالنفس، حسبه، حينما يؤدي إلى تهديد استقرار الجزائر من خلال ضرب استقرار تونس إما أنه سذاجة أو تحولات ما، لم نفهمها بعد.
وأبرز رئيس حركة مجتمع السلم السابق، أن “راشد الغنوشي كان دائما صديقا للجزائر وهو قد ضحى بعلاقات إقليمية ودولية حساسة من أجل وقوفه مع الجزائر، في هذه الفترة التي كثر فيها المتآمرون عليها”، على حد قوله.

ولفت إلى أن عبارة “الشقيقة الكبرى” المقصود بها الجزائر، كانت حركة النهضة هي التي أطلقتها حتى صارت مصطلحا سياسيا دارجا في منطقتنا، كما أن حلفاء قيس سعيد، يضيف، ليسوا أصدقاء للجزائر، بل مُناهم “إضعاف بلدنا وضرب استقراره”.
بنكيران وأعضاء حزبه يدعون إلى عودة الحوار
وفي المملكة المغربية أصدر حزب العدالة والتنمية بلاغا عن طريق الأمانة العامة قال فيه إنه “في تطور خطير في الأزمة السياسية التي تشهدها تونس الشقيقة، أقدمت قوات أمنية على اعتقال الأستاذ راشد الغنوشي رئيس مجلس نواب الشعب سابقا ورئيس حركة النهضة التونسية”.
واعتبر حزب العدالة والتنمية بالمغرب، هذا الاعتقال التعسفي، الذي سبقته اعتقالات لقيادات في المعارضة، من شأنه أن يعمق هذه الأزمة ويسد الطريق على كل إمكانية لحلها عن طريق الحوار بين كل الفرقاء في تونس.

ودعت الأمانة العامة للحزب الحاكم سابقا في المملكة، إلى “إعلاء صوت العقل وتغليب الحكمة والمبادرة إلى إطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين بتونس وعلى رأسهم الشيخ راشد الغنوشي، والتعجيل بفتح حوار وطني حتى تنعم تونس الشقيقة وشعبها بالاستقرار والازدهار”.
ومنذ 11 فبراير الماضي، نفذت السلطات التونسية حملة توقيفات شملت قادة وناشطين في المعارضة التي تعتبر الإجراءات الاستثنائية “انقلاباً على دستور الثورة (دستور 2014) وتكريساً لحكم فردي مطلق”، بينما يراها فريق آخر “تصحيحاً لمسار ثورة 2011″، التي أطاحت بالرئيس آنذاك زين العابدين بن علي (1987-2011).